الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

...الأسطورة والقبضاي الطيّب...




يحيي أحد الفنانين العرب المشهورين وأحد أصحاب الشعبية الكبيرة في الوطن العربي حفلة في إحدى فنادق عمان في الأول من أيلول احتفالاً بعيد الفطر المبارك، وتبلغ أسعار التذاكر المائتان والخمسين للتذكرة الواحدة، ويمكن الحصول عليها بأسعار مخفضة عن طريق إحدى مواقع الإنترنت، وتشمل التذكرة حضور الحفل الذي يحييه المطرب الكبير، وعشاء فاخراً، بالإضافة للفواكه، ومشروبات كحولية و غير كحولية حسب الطلب.
طبعاً تضمن الإعلان وصف الفنان بالأسطورة الموسيقية في المنطقة، والحثّ على الحضور للاستمتاع مباشرة بموهبته وعظمته.

ما نسي الإعلان ذكره، هو أن المجاعة في الصومال لا زالت مستمرة، وأن أربعة أطفال من كلّ عشرة آلاف يموتون في كلّ يوم، وأنّ ثلث أطفال الصومال يعانون من سوء التغذية، وأنّ مخيمات اللاجئين ما عادت تتسع للقادمين الجدد في كلّ يوم، وما عادت قادرة على توفير الحدّ الأدنى من احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، وأنّ هؤلاء جميعاً لن يتمكنّوا من حضور الحفلة المترقّبة.

ما نسي الإعلان ذكره، هو أنّ الثورة في سوريا لا تزال قائمة قدماً على ساق، والمحتجون لا زالوا يسقطون على اختلاف أعمارهم وانتماءاتهم وأطيافهم السياسية والدينية، سواء كانوا مشاركين أو حتى غير مشاركين بالحدث، وأنّ "القبضاي الطيّب" كما وصفه الفنان الأسطورة لا زال مصمّماً على مواصلة أسلوب القمع بكلّ أشكاله، ولأنّ الفنان العظيم الذي يعتقد أنّ الثورة في سوريا واليمن وليبيا لم تكن سوى غيرة من الثورة في تونس ومصر، وموضة انتقلت كعدوى من شعب عربيّ إلى آخر، لا تعنيه آخر تقليعات الموضة، وفهمه العميق لباطن الأمور يجعله يرى الحقيقة الغائبة عن أذهان العامة، فهو هنا ليثبت وجهة نظره العميقة في "حلاوة مرته" "إللي مثل البدر" ، ويسبّح الربّ الذي خلقها، مع هؤلاء الذين يشاركونه وعيه العميق وانتماءه الجارف لقضايا أمته وإحساسه الإنساني العالي بالأقمار الواقفة على بابه وحبيبه "إللي صاير كذّاب"!

أمّا بقيّة الأعضاء المكلومة من المحيط إلى الخليج فلن آتي على ذكرها، فيكفي ما ورد من تنغيص في مقالة واحدة فقط...

أتساءل هل دعا الأسطورة القبضاي الطيّب إلى حفلته؟ وهل سيتم بعث الفتات المتبقّي وجرعات الويسكي المتروكة في قاع الكؤوس على طاولات الحضور  إلى أطفال الصومال تهنئة بالعيد السعيد؟

أتساءل لماذا لا يقيم ابن "كفرشيما" حفلته الصاخبة هناك، بين أهله وناسه؟ وهل ترضى قريته التي أنجبت من ترابها السيّدة "ماجدة الروميّ" التي غنّت "سقط القناع" استقباله بعد أن سقطت كلّ الأقنعة؟؟؟

******************
العيد عيد، وهو تقليد لا ينتظر أحداً ولا يتوقّف لأجل أحد، تماماً كالحياة...
وله_رغم كلّ هذا الحزن_بهجة، ليس لأحد الحقّ في سرقتها من وجوه الأطفال وأيديهم
القابضة على عيدياتهم المتواضعة، ولكنّ المطلوب هو أن نبقي في ذاكرتنا أنّ كثيرين لن يشملهم العيد هذا العام، أنّ كثيرين لن يحظوا بترف التفكير في وجبة دسمة أو ملابس جديدة، أنّ كثيرين مشغولون بالحزن على أبيهم الذي استشهد، أو ابنهم أو ابنتهم، أو جارهم الذي خطف ولا خبر يطفىء القلق المشتعل في قلب امرأته، أنّ كثيرين لن يزوروهم العيد هذه المرة، وقد لا يزوروهم في أيّ وقت قريب!
المطلوب  "شوية إحساس" فقط،
"بس شوية إحساس"..!

توما
30-8-2011


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق