الاثنين، 31 ديسمبر 2012

كل شيء مؤقت...



تيقنت من عدة أمور هذا العام

كلّ شيء مؤقت، كلّ شعور يصيبنا ويتملّك حواسنا ويدفعنا للأمام أو الوراء أو يثبت أقدامنا بمسامير في أماكنها مؤقت، الفرح مؤقت، الغضب مؤقت، الحب مؤقت، النصر مؤقت، والهزيمة مؤقتة أيضاً، الرغبة والشغف مؤقتان، وفقدان الرغبة والاندفاع كذلك..
ربما الحزن وحده له صفة الخلود، يضرب جذوره في الروح فلا يموت إلّا إذا جفّت تربتها، لذا "وحده" يعوّل عليه...

كلّ شخص في حياتنا عابر، عابر لسبب ما، لرسالة يريد أن يوصلها لنا، لمكان يجب عليه أن يأخذنا أو يدفعنا للوصول إليه، لشعور يتحتم عليه أن يتشاركه معنا أو يسلبنا إياه، لدرس عليه أن يلقنه لنا أو علينا أن نلقنه له، لامتحان، أو لتقييم أدائنا في الحياة حتى هذه اللحظة، أو لتحدّي مستوى الأداء، لبركة أو نعمة مجهولة ما، أو لنقمة أو لعنة لا تفسير واضح لها، لإشارة أو عبارة أو نصيحة ما وأحياناً ببساطة لكنس شرفة وحدتنا من الأشباح...
لكننا آخر الأمر نعود لنبقى وحدنا، ليس لنا سوى هذا الجسد وتلك الروح ولا سلطان لنا سوى عليهما بضعفهما وقوتهما المفاجئة في بعض الأحيان!

هذا العام، علّمني أنّ ليس ثمة داع للندم على أيّ شيء، وأنّ كلّ لحظة جديدة حبلى بما يستحق الاحتفال والتمعّن والتأمل بمعناه...وأنّ هذه الحياة أقصر من أن نعقّدها ونحاصرها بالقيود والتوقعات، وأنّنا آخر الأمر شاء من شاء متساوون في نهاية قصّتنا، ومتساوون في المجاملات البائسة التي ستلقى فوق شواهد أضرحتنا، ومتساوون في هشاشتنا...

بلا توقعات سأمضي إلى العام القادم، خفيفة من ثقل الافتراضات، حرّة من الأوهام والأحلام، بيدين مفتوحتين لتلّقي هبات الحياة القادمة وتجاربها الجديدة ودروسها الصعبة والممتعة ومداعباتها القاسية في كثير من الأحيان دون شروط ولا ممانعة، برغبة في التعلّم فقط والمغامرة والتلصّص على الممنوع والإحساس بكلّ شيء من أقصى اللذة إلى أقصى الألم ومشاركة التجربة مع الكون من حولي، قطفها، وفرطها، وتشميسها حتى يتركز سكرها وتنشط خميرتها، ثم عصرها حبّة حبّة، وملئها في قناني مخبئة في أقبية الروح، وتعتيقها عاماً بعد عام، حتى إذا حان موعد صبّها، تنعش القلوب بخمرها الجيّد!

توما
29-12-2012

...تبقى لك...



تبقى لك من رصيد هذا العام ثمان ساعات وتسع وثلاثون دقيقة وثوان ثلاث، لتحقق ما رددته بين نفسك ونفسك طوال هذا العام..لتقول لفتاة ما أنك أحببتها سراً يوماً بعد يوم من أول كانون الثاني إلى آخر كانون الأول، لكنك خنت نفسك لتنتصر لكبريائك... أو لتتسلق شجرة تطلّ على أحد أحلامك، أو لتخبىء خفية حدثك المفضل هذا العام في حقيبة سفرك إلى العام القادم، لتكتب آخر صفحة في كتاب تؤلفه، لتقول يعجبني هذا العام أو لا يعجبني!

لتتعلم كيف تقول "تصبح على خير، أحلاماً سعيدة" أو أيّ عبارة أخرى بلغة جديدة، لتزور مكاناً مقدساً تترك على عتبته خطاياك، لتعتذر لأخيك أنك لم تسامحه مجدداً على أنه لم يكن أخاً بما يكفي لك، لتقبل وجنة أمك أو أبيك أو أيّ شخص آخر منحك صلة ما بالحياة،لتحتسي فنجان قهوة مع صديق كنت كلما خاطبته على الهاتف ترتب موعداً للقاءه وتخلف كلّ مرة الموعد بحجج واهية...

لتحقق رقماً جديداً من الكيلومترات التي تستطيع أن تقطعها على دراجتك أو عدداً جديداً من الدرجات التي تصعدها على قدميك رغم لهاثك وانقطاع نفسك، لتتدرب على ابتسامتك وتحيتك الصباحية للعام القادم، لتزرع نبتة جديدة على شرفتك، وتبكي رحيل من لم تعتد رحيله بعد، لتمشي على طريق لم تمش عليه مسبقاً مستسلماً لضياع يأخذك حيث يحلو له أن يأخذك، لتغفو قيلولتك الأخيرة بعد الظهر، لتسجل خاطرتك الأخيرة هذا العام وتكتب تحتها التاريخ 31-12-2012.

أمامك بضع ساعات فقط، لكي لا تؤجل عاماً كاملاً ما أردت أن تنجزه قبل نهاية هذا العام!

توما
31-12-2012

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

...لا شيء يشغلني...



لا شيء على بالي آخر هذا اليوم..
لا أخبار الموت في كلّ مكان، 
لا رائحة الدم..
لا آلام قلبي المزمنة..
لا آمال غدّ قد لا يأتي..

لا شيء يشغلني..
لا وجه..لا رائحة..
لا شهوة عابرة..
لا قلق..لا أرق..
لا أشباح الذاكرة..

لا شيء يشغلني،
سوى لحن أغنية
سمعتها مصادفة على الراديو،
فأعجبتني،
لكنّي نسيت كلماتها!

توما
19-12-2012

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

رقصة تانغو على الورق...




لا أسمع الحديث الدائر بين عينيك وعيني، لكني أحسّ بوهج الحرارة في المسافة بينهما، كلّ على طاولة، في الجهة المقابلة، لا تقترب، لا أقترب، ولا ينتبه أحد من الحضور لكلّ الصخب الذي تثيره أصابعك فييّ وهي تدقّ لحناً مألوفاً على زجاج كأسك!
شمعتان مضيئتان في عتمة القاعة، تصغيان بخشوع لصوت أجراس قادم من بعيد وأوركسترا غيوم تعزف بصمت على سلم السماء، وتحترقان على مهل، لتضيئا أكثر..
لا أحد يراك إذ تمرر يدك اليمنى تحت إبطي الأيسر وتلفّ بها أعلى ظهري، ثم تشبك أصابع يدك اليسرى بأصابع يدي اليمنى، وتقود خطوي على وقع خطوك، وتوشوشني قبلتين على الخدّين، وتزيدني عناقاً، فأتمرّد، وأنقر بكعبي العالي صفحتك البيضاء، وأترك لك هناك حبراً وخربشات طفولية!
لا أحد يراني، إذ أتسلق صدرك، وأغرز على شفاهك طعم شفاهي.
ولا أحد يسمع، صوت البيانو ما بيننا يعلو يرافقه تشيلو، وكمان...
كلّ على طاولة في الجهة المقابلة، ملتحمان، ليس لنسمة هواء باردة أن تمر بين جسدينا، ليس لسيف سوى أن يقطعنا إلى نصفين إن أراد العبور!
رقصة تانغو على الورق..هذا كل ما بيننا، وقبلتين وعناق...

توما
18-12-2012