تيقنت
من عدة أمور هذا العام
كلّ
شيء مؤقت، كلّ شعور يصيبنا ويتملّك حواسنا ويدفعنا للأمام أو الوراء أو يثبت
أقدامنا بمسامير في أماكنها مؤقت، الفرح مؤقت، الغضب مؤقت، الحب مؤقت، النصر مؤقت،
والهزيمة مؤقتة أيضاً، الرغبة والشغف مؤقتان، وفقدان الرغبة والاندفاع كذلك..
ربما
الحزن وحده له صفة الخلود، يضرب جذوره في الروح فلا يموت إلّا إذا جفّت تربتها،
لذا "وحده" يعوّل عليه...
كلّ
شخص في حياتنا عابر، عابر لسبب ما، لرسالة يريد أن يوصلها لنا، لمكان يجب عليه أن
يأخذنا أو يدفعنا للوصول إليه، لشعور يتحتم عليه أن يتشاركه معنا أو يسلبنا إياه،
لدرس عليه أن يلقنه لنا أو علينا أن نلقنه له، لامتحان، أو لتقييم أدائنا في
الحياة حتى هذه اللحظة، أو لتحدّي مستوى الأداء، لبركة أو نعمة مجهولة ما، أو
لنقمة أو لعنة لا تفسير واضح لها، لإشارة أو عبارة أو نصيحة ما وأحياناً ببساطة
لكنس شرفة وحدتنا من الأشباح...
لكننا
آخر الأمر نعود لنبقى وحدنا، ليس لنا سوى هذا الجسد وتلك الروح ولا سلطان لنا سوى
عليهما بضعفهما وقوتهما المفاجئة في بعض الأحيان!
هذا
العام، علّمني أنّ ليس ثمة داع للندم على أيّ شيء، وأنّ كلّ لحظة جديدة حبلى بما
يستحق الاحتفال والتمعّن والتأمل بمعناه...وأنّ هذه الحياة أقصر من أن نعقّدها
ونحاصرها بالقيود والتوقعات، وأنّنا آخر الأمر شاء من شاء متساوون في نهاية
قصّتنا، ومتساوون في المجاملات البائسة التي ستلقى فوق شواهد أضرحتنا، ومتساوون في
هشاشتنا...
بلا
توقعات سأمضي إلى العام القادم، خفيفة من ثقل الافتراضات، حرّة من الأوهام
والأحلام، بيدين مفتوحتين لتلّقي هبات الحياة القادمة وتجاربها الجديدة ودروسها
الصعبة والممتعة ومداعباتها القاسية في كثير من الأحيان دون شروط ولا ممانعة،
برغبة في التعلّم فقط والمغامرة والتلصّص على الممنوع والإحساس بكلّ شيء من أقصى
اللذة إلى أقصى الألم ومشاركة التجربة مع الكون من حولي، قطفها، وفرطها، وتشميسها
حتى يتركز سكرها وتنشط خميرتها، ثم عصرها حبّة حبّة، وملئها في قناني مخبئة في
أقبية الروح، وتعتيقها عاماً بعد عام، حتى إذا حان موعد صبّها، تنعش القلوب بخمرها
الجيّد!
توما
29-12-2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق