أصبّ روحي في فنجانك حتى يمتلأ عن آخره، أنا هكذا لما أعطي أعطي كثيراً، ولا أجيد التعامل وفقاً للمبادىء الدبلوماسية، والتقاليد المتعارف عليها ولا القوانين الاجتماعية التي يفترض بالجميع العيش وفقها، لضمان الانسجام والتناغم بين الجميع، وتلافياً لإقلاق الهدوء والصمت الذي ينقعون فيه أقدامهم في لحظة سلام أبدية!
تشربني على مهل، رشفة رشفة، وتطيل التأمل في طعم المرارة الذي أتركه فوق شفتيك...
تحدّق في عينيّ، تقول لي: "أنت امرأة مثيرة للجدل!"
لا أجيب، فأنا لا أعرف ما أنا بعد، ولا أرغب حقّاً في إثارة جدل أو لفت نظر أو أيّ شيء آخر...كلّ ما في الأمر أنّي لا أفكّر كثيراً بالكلمات التي تخرج مباشرة من قلبي عبر شفتيّ، لا أزنها، لا أدرس تأثيراتها على أرض الواقع قبل أن تسقط فوقها وتخدش ركبتيها، ثم دون أدنى اهتمام تمسح الدم النازف وتنطلق لتكمل لعبتها المجنونة، ولا يهمنّي أن تنال إعجاب أحد أو بغضه!
والحقّ يقال أنّني رغم كلّ الخسائر التي تمخضّتها مادية كانت أم بشرية لم أستطع الإقلاع يوماً عن تلك العادة السيئة، ومللت محاولات الإقلاع عنها على أيّ حال.
أما أنت سيدي، فهنيئاً لي ولك! رجل عاقل يثير الدهشة، واللوعة في كلّ شحنات روحي المتنافرة، لكنّه ينجح بامتياز في اجتياز اختبارات عقلي المنطقية.
أنت تماماً كما تريد أيّ فتاة..
تتأنّى كأنّك عامل في بنك الدم يفحص زمرة مريض، وتفكّر بين الخطوة والخطوة بالمسافة التي تريد لقدمك أن تقطعها، بكمية الهواء التي ستملأ بها صدرك في الشهيق القادم، وحجم الغبار الذي ستتركه يتراكم على سترتك قل أن تنفضه بيدك في حركة ستبدو عابرة وعفوية تماماً.
أراهن أنّك تعرف عدد النجمات التي تضيء سماء شرفتك في المساء، وأجزم أنّك لا زلت تذكر الجمل القليلة التي قلتها في آخر اتصال هاتفيّ وردك، ولا بدّ أنك بعت أحلاماً كثيرة في جعبة طفولتك كي لا تثقلك في طريقك إلى المستقبل الباهر الذي ينتظرك، والذي سينال بالطبع استحسان وتصفيق جميع من سيشاركونك المشي على السجادة الحمراء!
وأنت، كمعظم الرجال الذين عرفتهم، تعشق المغامرة، ولست "جبّاناً"، لكنّك _لسبب ما_ تكتفي بمتابعة قناة المغامرة على التلفاز، وتستمتع بجرعة مدروسة من الأدرينالين في دمائك، جرعة دقيقة، تخاف إن زادت ولو ذرة واحدة، تخاف أن يخسرك المجتمع!
ألملم أشيائي، وأغادر عالمك الهادىء دون أن أحدث جلبة..تناديني: "إلى أين تذهبين؟"
لا ألتفت، مللت العوالم المتشابهة!
توما
9-12-2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق