عن ماذا أكتب لكم هذا المساء؟
عن ماذا أكتب لنفسي، تضع رأسها على كتفي، تحاول أن تنام، ولا تنام..ثمة حرقة في عينيها، تخزها كلما أغمضت جفنيها، تلك الحرقة المعتادة بعد أن ينفد مخزون المياه في المآقي، وتصاب بالجفاف...
لا، ما عدت أنت سبب أرقي...
أحدّق في شاشة اللابتوب، أجول شبكة المعلومات الالكترونية، أقرأ مقالاً علمياً عن بكتيريا ال"أسينوباكتر" المقاومة لمعظم أنواع المضادات الحيوية، تلك المخلوقة المجهرية التي تفتك بجسد أحد مرضاي، أعلن الحرب عليها، وألمّ الأسلحة اللازمة لمواجهتها من مواقع مختلف، حتى يهزمني السأم!
أهرب إلى مقال لأدونيس، أضيع فيه، أسرح، أتأمل، أفكر، أصلّي، أسكر بالكلمات وبرشفتين من نبيذ أحمر، أدندن، أرقص، أنتفض كعصفور وأجدّف في آن معاً...
أتسلل إلى ال"يوتيوب"، وأرعى أمسية موسيقية خاصة بي، وبكم إلى حدّ ما!
لكنّ شيئاً لا يخدّرني إلى تلك الدرجة التي أريد أن أصل إليها، شيئاً لا يفقدني وعيي، وأنا محتاجة حقاً إلى أن أفقد وعيي!
أقرّر أن أكتب، أن أترك قلبي يندلق على أزرار الكيبورد، ويغرقها، حتى يغرقه النوم..
فعن ماذا أكتب هذا المساء؟
أيّ قصة أروي لكم؟
أيّ هزيمة؟
...................
لن أروي أيّ شيء..
ولن أطيل البقاء،
أريد أن أقول لكم هذا الهراء، فقط..فاحتملوني، أو لا تحتملوني!
ثمة من هو إنسان، وثمة من هم "مندسون" في الإنسانية..
وأنا أحبّ الإنسان، أحبّ كلّ ما فيه، وأظنّ أنّ الله يحسده أحياناً في نفسه على ضعفه لا على قوّته!
أحبّه وأحترمه، لأنه قادر أن ينتزع الضحكة الصادقة من بين كلّ ألغام حزنه، ولو فقد رجلاً أو ذراعاً في خضم عملية التنقيب تلك!
أحبّه وأحترمه لأنه يبكي، ويتألم، ويحسّ، ويحبّ، ويرقص، ويغنّي، ويثور، ويشتهي، ويؤمن، ولا يؤمن، ويبحث، ولا يفقد فضوله، ويصرخ، وأحياناً يكبت صراخه لأجل الإنسان الذي أمامه،
ولأنه يدين نفسه، ولا يتهرب رغم مخاوفه من آثامه!
أحبّ الإنسان، لأنّ ناراً تسكنه، تأكله، تشعله، تضيئه، وتحرقه على مهل، وهو يرقص حول تلك النار، يقدّسها، و يصبّ عليها زيتاً وعرقاً، ويصلّي أن لا تنطفأ أبداً!
ثمّة شيء آخر أردت قوله، وهو خارج السياق تماماً!
تبكيني دموع الأخرين، تحزنني، تكسر شيئاً من قلبي،
لكن رجلاً واحداً، إذ يبكي..تنزف كلّ خلاياي،
ويتمزّق قلبي..
لا تبك يا أبي، لا تبك!
توما
14-12-2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق