الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

...علامة تعجّب...


  
عناوينك كلّها تنتهي بعلامة تعجّب..ونظراتك تغيب طويلاً في الدهشة! كأنّك لم تكبر أربعين عاماً منذ دهشتك الأولى لمّا باغتتك الممرّضة التي استقبلتك بعد انزلاقك السريع من جوف أمك بصفعة على قفاك! كأنّ حاجباك المرتفعان قليلاً عن مكانهما الطبيعيّ منذ صغرك، ظلا يرتفعان ببطء مستمر مليمتراً مليمتراً مع كلّ شمعة تضيفها إلى كعكة عيد ميلادك السنويّ…ترى ماذا يدهشك كلّ هذا الحدّ؟ كلّ هذا الأفق؟ كلّ هذه الأرض؟ وكلّ تلك العناوين المريضة بتوقها لجواب لا تجده؟

قلت لي يوماً: أنا عابر طريق فقط، سائح إن شئت على أرض روايتي التي أكتبها شهيقاً شهيقاً..

قلت لي: لا رشفة قهوة تساوي رشفة أخرى لا في اللون ولا في الطعم ولا في التركيز، ولو عارضتني بمنطقك البارد وبراهينك العلمية!

قلت لي أنّ حياتنا هنا كدوائر الدخان المتصاعدة من سيجارتك، ليس ثمة دائرتان توأمتان!

والتمعت عيناك، كما تلتمعان كلما أفلتت من بين شفتيك نفثة نارية تضيء مشروع قصة جديدة في بالك، أو مشروع جنون ما لم تروّضه العادة بعد…

تقترب بكرسيّك منّي، تقترب بشفتيك، فتدفىء أنفاسك اللاهثة وجهي..أتواطؤ مع المسافة الضئيلة التي تفصلنا، فلا أبتعد، ولا أقترب أكثر في آن معاً…

تبتسم، فأفهم مغزى ابتسامتك…تسخر من جبني، من كبريائي الزائف، ومن تمثيلي الرديء بعدم المبالاة!

أشيح بوجهي عنك نحو الباب المفتوح على الشرفة، وأتساءل إن كان هناك من طاولة فارغة هناك لننتقل إليها بدل الزاوية الصغيرة الحارّة التي تضيق علينا أكثر مع كلّ ثانية تقطع الهواء بيننا..

نحمل قهوتينا، ومعطفك الأنيق الذي جلبته لأجلي لا لأجلك، ونخرج إلى الشرفة.
أتنفسّ كمشة هواء بارد، فتفيض رئتاي بالامتنان..أغمض عينايّ وألقي برأسي إلى الوراء، أنسى للحظات أنّا معاً، وتنسى للحظات أنّي لست سوى فتاة عابرة على دربك، لن تطيل البقاء…

"ما اسمك؟" تباغتني بسؤالك الخارج عن المألوف بالنسبة لشخص يعرف اسمي جيّداً، ويحفظ كنيّتي، ولا يتردّد بمجاهرتي بسخريته من الكنيّة وقصتّها!
ثم لا تلبث أن تتدارك الجلبة التي أحدثتها في تعابير وجهي بإضافة جملة معترضة لسؤالك المشاغب..
"أقصد ما الاسم الذي تخاطبين به روحك لما تخلين لنفسك؟"
"أنا مثلاً أخاطبها بالمجدليّة!"

أعيد توجيه بقعة الضوء إليك بسؤالي..
"المجدليّة؟ أيّ رجل يلقبّ روحه بالمجدليّة؟"

قلت:
"بي من الحبّ ما يوازي أمواج الحبّ في قصتّها..ومن الحزن والشعور بالذنب على خطايا لم أقترفها!"

أقول:
"أسميّها (يلدا)"

قلت:
"أولّ ليلة في الشتاء؟"

أقول:
"وأطولها…"

قال:
"ما زال في العمر متسعّ للحزن يا صديقتي، دعينا اليوم نفرح بلا سبب!"

أجرّ كرسييّ قربك، وألتصق بك…
وللحظة تختفي الدهشة من عينيك، ويختفي من عينيّ القلق…

توما
6-9-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق