ترسم
على وجهها ابتسامة عريضة، تلقي على الطالبات التحية. هالة من الثقة بالذات والاندفاع
والشغف تضيء حولها، رغم الرهبة التي تنشر عتمتها في داخلها والتردد وعلامات الاستفهام
التي تحاصرها حول ماذا كانت تفعل بالتحديد هناك!
تحدثهن
عن المستقبل، عن الأحلام، تقول لهن أشياء عن الثقة بالنفس، والطموح، والإصرار، والإيمان
بالغد، وأن العمل والمثابرة أساس الوصول إلى ما نريد الوصول إليه، وتلقي على مسامعهن
ترهات أخرى عن مدينة فاضلة، ومجتمع مثالي، وعالم عادل ينتظرهن بذراعين مفتوحتين وسيتنحى
ليفسح لهن الطريق ما إن يخترن طريقهن...
لا
تقول لهن أن العالم عبارة عن فوضى عارمة، وأنّ الحقيقة بالمقلوب، وأنّ المجتمع الذي
ينتظرهن غير مهتم بأفكارهن، ولا بأحلامهن، قدر اهتمامه بنسبهن، وطبقتهن الاجتماعية،
والمستوى الاقتصادي اللذي ينتمين له، ثم بتضاريسهن
الجسدية ومنسوب سذاجتهن في ضوء قدرته على استغلالهن سواء على مستوى الإمتاع البصري
أو السمعي أو الحسّي المباشر!
لاتقول
لهن، أنّ عليهن ألّا يبالغن بطموحاتهن، وألّا يجمحن بأحلامهن، وتسقط من اللغة الأمثال
التي تقول "على قد لحافك مد رجليك" و "إللي معوش ما بلزموش" و
"إرضى بالنصيب"، وتتجنب استعمال كلمات مثل "ساوم" أو "تسوية"
أو "تنازل" في جمل مفيدة أو غير مفيدة!
بكلّ
عدم إحساس بالمسؤولية، تقول لهن "احلمن! وتوغلن في أحلامكن!"...
بلا
ذرة ضمير واحدة تخبرهن أنهن سيصلن لما يردن الوصول إليه إذا أقنعوا أنفسهن بذلك..تقول
لهن: "آمنوا فقط..."
مجرد
فتيات صغيرات، لا يحملن في جيوبهن أكثر من مصروف المدرسة الشحيح، أو الهواء بدلاً عنه
في ذلك اليوم.
هكذا،
بكلّ تصميم، تكمل تنفيذ جريمتها، تضع لهن أجنحة من هواء، وترحل!
أجنحة،
ستتكسر...
توما
3-11-2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق