الجمعة، 6 يوليو 2012

...إذ أنسى...



إذ أنسى، تتسلّل الذاكرة من كوة النافذة برشاقة قطة سوداء..
الحبّ مرض مزمن، لكنّه أيضاً طبيب، طبيب يتمتع بحسّ سريريّ ثاقب!
********************************
كان على يدك أن تمرّ على جسدي، لأكتشف مواضع الألم..
وعلى أصابعك أن تنقرا عليّ كدفّ، كي يصحو فيّ الأنين!
********************************
ثمة أحزان صامتة تسكننا، تكبر معنا، تختبىء في الزوايا التي لا ينتبه لها أحد كشباك عنكبوت، تفتك بنا كسرطان خبيث، بهدوء وعلى مهل...
إلى أن نجسّها بأنفسنا مصادفة، أو يجسّها لنا أحد..
********************************
كم جميلاً كان عناقنا ذاك المساء، وكم كان طيّباً معنا القدر، لو أنّه فقط،
بكّر اللقاء قليلاً، أو أنّه فقط أجلّ العناق!
كم جميلاً كان اللقاء!
*******************************
لماذا يتحتمّ على كلّ الأشياء التي نريدها أن تأتي أخيراً، بضع دقائق فقط بعد أن نسأم ونيأس ونغادر صالة الانتظار؟
لنلوم أنفسنا مرتين؟ مرة على إدماننا على الأمل، ومرة على شفائنا منه؟
*******************************
إذ أنسى، تنسى الذاكرة غيمة على السطر الأخير من السماء..
مطر خفيف لا يرى يبلبل الشجر الواقف في طابور الصباح، ويهمس أحرف اسمك!
******************************
قال المعالج النفسيّ: صدمة منذ الطفولة البعيدة، دفنتها في الباحة الخلفية للذكريات كوسيلة دفاع عن النفس، وحاجة للبقاء على قيد الحياة.
قالت الغجرية الجالسة على قارعة الطريق: خوف من قدر استرقت النظر إليه، وألمحه ينتظرني عند كلّ زاوية.
قالت جدّتي: حسد الجارة الناقمة على حظّها العاثر، وعينها الثاقبة!

أنت لم تقل..فقط قرّبتني منك، وعانقتني بحرارة أكبر، وكان صوت الألم يعلو أكثر، وأنا أبتسم، وأبتسم، وأبتسم...
******************************
كأنّ النجوم كلّها اختبأت ليلتها، لتمنحنا خصوصية أكثر، وتخفينا عن أعين الآخرين، الفضوليين، الجائعين لخبز النميمة..
وحدنا، أنا أسكب الدموع، وأنت تشربها عن وجنتيّ، وتقول:
"حرام عليك أن تسكبي خمراً، من يقودني إلى بيتي هذا المساء؟"
******************************
نتحسسّ أطرافنا، نعدّها، خمس أصابع في كلّ يد، وفي كلّ قدم، عينان اثنتان في كلّ وجه، وأنف بنافذتين، شفتان نصف مفتوحتين تنتظران ريقاً آخر، وأذنان تترقبان صوت اليمام يصحو أولّ الفجر...
هكذا في كلّ مرة نعود فيها سالمين من وهم السعادة!
*****************************
"في غيابي، لا تنظري طويلاً لصورتك في المرآة..أغار من المرآة إذ تنظر طويلاً إليك، وأنا لا أستطيع حتى أن أسترق النظر!"
"في غيابك، اترك كفّك في كفّي قبل أن تمضي..لا أحتمل نقصانها نبضاً!"
*****************************
إذ أنسى، تصاب الذاكرة بإنفلونزا، وتؤجلّ الرحيل!

توما
 7-7-2012
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق